توطئة تاريخية لابد منها
كما يحدث لكل إنتاج ناجح فإنه يتم تحويله لرواية ثم لفيلم ثم تؤخذ مقاطع من الفيلم ليصنع منها كليب “أغنية روسية حزينة يبحث عنها الجميع” ..ويتم صناعة دمى وتشيرتات غالية وتشيرتات مقلدة رديئة الرسم وليست رخيصة طبعا.. ولو كان العمل أسطوريا بما يكفي مثل الناظر أو اللمبي أو الحج سردينه سيصنع منه ميمز ..
هذا هو قدر كل منتوج جميل ..
تايتنك،هاري بوتر، ورائعة “توجع لكن ميا ميا” ..وآخر الواصلين لقائمة العز هذه منتوجي الصوتي ” اعذره ..لقد وصل للتوّ”
الذي ترونه أمامكم -تسمعونه آز مطر أوف فاكت-
نجاح مقطوع النظير لم يحدث بعد لكنه في طريقه للحدوث حتما ..لماذا أبدو واثقا؟!
ول ..لأني أعرف جيدا حركة التاريخ وأعرف أكثر حركة حبيبات الكربون التي تمسى في بعض الثقافات بـ”الكائنات البشرية” فأني أعرف أن الشهرة قادمة ..لهذا ومن باب أروي قصتك بنفسك..فاا
توطئة نفسية لا غنى عنها
هنا أضع الفكرة مكتوبة بشكل مختلف طبعا ..لأن شيء بتلك الروعة لا يمكن له أن يحدث مرتين ..صياغة مختلفة وأفكار أطول ..لأن الجميل في التدوين والكتابة أنه يمكنك أن تكون مملا ومسهبا لأن لا أحد سينتبه و لن تشعر بالإحراج ..من يقرأ أصلا ..الأصل في الأشياء المكتوبة أن تكون مملة وطويلة.
يكفي من المقدمات المملة ..هيا لـ نحصل إليها :
أعذره ..لقد وصل للتو
“المدفون حتى عنقه في الرمال لا يملك إلا الغناء” ..
النظرية جاءت كنتيجة هامشية لحدث هامشي آخر هو إغلاق طريق المطار التي لم يكن إلا نتيجة هامشية لحرب هامشية حدثت في بلد هامشي.
فقد تم إغلاق طريق المطار وبهذا أصبح الطريق الوحيد لجنوب طرابلس هو طريق السواني aka معبر بوابة الجبس الحدودي ..
وذهبًا على خطى عظماء تحديد المواقع الحربية
32.835450, 13.132129 :geolocation
لكن دعونا نبتعد عن ظروف خروج النظرية ..ولنجعل الأمر عامًا قدر الإمكان حتى تتحقق شروط النظريات-شروطي أني محدش يتنطط-.
من خلال إخضاع نفسي وزملائي من حولي لأكثر من حصلة في سيمافرو-ونحن هنا نتحدث عن سيمافروات عملاقة.. طريق المطار، البيفي، الجمهورية- لاحظت أن سلوكنا الحيواني غالبا كالآتي:
( اللعنة خيرهم هاذم واقفين – خلي ننزل للتراب ونمشي من اليمين- خلي نمشي في المعاكس – الإقفال الميت- الانهيار الانفجاري- إتهام الحكومة- إتهام الآخرين -إتهام وجه جارك الأكشح اللي تصبحت بيه- إتهام النفس-الإنهيار التسليمي- البحث عن حلول- اتباع الحلول – التنازل – النجاة- مسح التجربة من الذاكرة) لعيشها مجددًا في أقرب سيمافرو أو غدًا على أقصى تقدير.
وخلال وأثناء وبين هذه المراحل تجد نفسك تبحث حولك وفي من حولك عن المعنى واللا معنى من كل هذا..في البداية تكون آلية التكحيل في الآخرين حولك هي فقط أداة ابستولوجية لتحصيل المعرفة..من “ماذا يحاول أن يفعل” ثم تجد نفسك تقول في جملة “تشن يدير هذا..” للجميع..
ثم مع النضج تتطور لنظرات تحليل وفهم وشفقة وحتى تضامن بصري مع الكل.
هناك نماذج يكثر تواجدها في تلك البيئة الضاغطة ” التي تخرج أسوء ما فيك ثم يقولون هذا أنت “
مثلا :
تجد بنت عالقة مصابة بانهيار عصبي بعد أن حاولت تركب علي المرشبيدي فقط لتكتشف وهيا معلقة في الهواء أنه كان برميل معبي أسمنت ..فتعرف أنها تتفرج علي مسلسل الحفرة التركي .
ثم يثير ذعرك أن رفرف سيارتك تحول للون الأسود..وبعد جزء من الثانية وقبل أن تصاب بغضب البركان تعرف أنه فقط كان لون السيارة اللي في جنبك لاصقة فيك لأن صاحبها توسعي ومؤمن بغنم أي مساحة في أي إتجاه ..تجي بتهزبه ثم تلاحظ جّيل شعره اللي سايل علي جبينه.. وفي عينيه نكبة “الذهاب للمواعيد الغرامية الجامعية متأخرا وبـجّيل سائل” ..فا تعرف أنه نال ما يستحق.
وطبعا هناك نموجذ الشيباني اللي يحمل على وجهة نظرة من يعوم في عالم الأموات..وما عنداش مشكلة يرحل إلى هناك في أي وقت…فتخاف منه لأن الشيابين اللي عندهم تيوتا 88 ليس لديهم ما يخسرونه.
تنظر للمراية فا تشوف تندرا 57 حصان زجاجها فيه آثار صلية رصاص ..فا تعرف أن ركابها ماشيين للمحور طول.
فا تعرفه بكل ثقة أنهم رح يعبروا ..مش عارف كيف ..لكن ديما يصير إنبعاج في نسيج الزمكان فا تمر التندرا بسرعتها من بين الزحمة…ماالسبب ؟ ما التفسير الفيزائي ؟ هل انزحنا عرضيا أني وزملائي؟ هل سائق التندرا مهارته أسطورية؟ مجددًا لا أحد يدري…أنهم فقط يمرون بسرعتهم.
وأيضا تجد تلك سيارة الافانتي اللي مدرسة وكعكوصها في الطريق..تبحث عن ركابها فتجدهم ثلاثة شباب في منتصف المعركة ..يفكوا في الارتباط..دائما يأتون كملائكة رحمة ..لأنهم خارج كل منطق..كل اللي في الزحمة هذه مستعجل وما يتسامحش في تأخير ثانية وحدة…فكيف يوقفوا الشباب هما وكأن الزمن لا يمر عليهم ويسلّكوا في الطريق ..رغم أنه وراهم امتحان نصفي مادة “طبيعة 2” وكل واحد منهم محصل إنذارين !!
بعملهم هذا دائما يضعون الجميع في موقف محرج بتضحياتهم…لماذا يفعلون هذا؟ لاحقا ستعرف أنهم يتفرجوا علي الأنمي ..وتعلموا من “لوفي” أنه حتى لو كان أخوك محبوس وبيعدموه ولازم تنقذه ..مع كل ذلك ..فإنه دائما هناك فرصة ووقت لإنقاذ عجوز مسكين طلب المساعدة في الطريق…قيم لن يعرفها-مجددًا- أحباء المسلسلات التركية أبداً.
لكن حتى جهود هؤلاء اليافعين المتحمسين تفشل بعد وقت ..لأن الجميع يعمل ضدهم ..يستغل توقيفهم للسيارات الأخرى ليمر هو ويذهب الجميع للجحيم.
ولا يمر وقت طويل حتى نصل لحالة الموت التام ..إلا من أصوات كلاكسات موظفين فقدوا عقولهم وهو يضغط علي الكلاكس كأنه جهاز بصمة العمل.
وبعد مرور وقت من الانهيارات العصبية والتقيؤ على كوفنوات الآخرين .
يكون الجميع مستعدًا للعودة لنظرية السيمافرو رقم صفر…سيمافرو عالم أفلاطون.
حيث المبدأ البسيط ..في السيمافرو حيث من المفترض أن ينتظر الجميع نفس الوقت..حيث أنك تتنازل فتقف ليمر الآخرون -الذين ربما أنت مستعجل أكثر منهم -من أجل المصلحة العامة والتي تعادل مصلحتك أنت على المدى المتوسط والطويل..ليستمر النظام.
هذا المبدأ الأسطوري “التنازل من أجل المصلحة العامة”
الآن والآن فقط جميع من في الخطوط الأمامية في السيمافرو مستعدين لتقبله ..لأنهم مروا بكل نيران النضج ومهلكات حب الذات وعرفوا فسادها..وهم الآن عرفاء لمن وراءهم ..ليقفوا ..بل ويال الصدمة أحدهم مستعد يوخر بسيارته إنديترو ..حتى يمر عدوه من الجيهة الثانية .
إنها يا أحبائي لحظات ملحمية إنسانية مسروقة من العالم الخارجي المليئ بالحروب وقتل الآخرين طمعا في حقوقهم.. وسرقة خبز الفقراء ثم رميه في الزبالة دون أكله ..
لهذا لحظات التنازل تلك وسنتيمراتها القليلة هناك ..تعني كل شيء.
وبينما أنت كذلك وعيناك تدمعنان من فرط الوعي واكتشاف الإنسانية في الإنسان ..يخش عليكم أفانتي -صاحب أفانتي حقيقي- في المعاكس ويدك خشم السيارة لأنه اعتقد أن لمجرد عنده مساحة خالية يقدر ياخذها..ويكون أذكى من كل الحمير الواقفين .
وخشته هذه تشعل التخوف والتوجس في قلوب كل الواقفين وتنذر بانهيار النظام.
وهني يصرخ اللي جنبك ويصرخ معه الكثيرون ” تي خيييره الحمار هذا؟؟!!”
وهنا تأتي أنت ..الذي سبقتهم في علم الوعي درجة ..لأنك خلال هذه الرحلة الاستبطانية العرفانية ..لم تصل لسماحة التنازل فقط ..ولكن لصدق نيتك فتح عليك ..فعرفت أن كل هاؤلاء العارفين لم يصبحوا عارفين إلا بمُعاركة الآلام والسمو فوق مصالحهم الذاتية وانصهروا بفضل مكيفات سياراتهم الفاسدة ليخرجوا وقلوبهم حديد مجلفن نقي..فكيف نطالب من صاحب أفانتي أن يكون لديه نفس الوعي..وهو ابن هذه الدقيقة.
لهذا تلتفت لصاحبك الغاضب..في حركة انسيابية جديرة بحركة محرك صممه وأشرف على صناعته “إيلون ماسك” شخصيا..
” تي خيييره الحمار هذا؟؟!!”
تلتف إليه وتقول ” اعذره.. فلقد وصل للتو“
شوف كون إني قريتها كاملة فنعم قريتها كاملة… ما تقوليش علاش… يعني عالق في اسطنبول والوقت عندي متوقف من 45 يوم لذلك مستعد نوقف في سيمافرو البيفي الساعة 4 بعد الظهر في يوم صيفي بسيارتي الأفاتتي اللي رواشنها ما يفتحوش وبالتأكيد مكيفها لا يعمل… وفي نفس الوقت لا أشعر بالملل…
أحسنت وخاصة عند جزئية جلد حفرة العزيزة ملاك
تدوينة لامست جراح الماضي، حين كان سيمافرو الجبس هو الثقب الوحيد المؤدي إلى باقي العالم. هنا وجدت بعض الحنين لتلك المعارك، للظلم المتجسد بمرور كل من تسبب ببقاؤك لفترة اطول من قدرتك على الاحتمال، للذة الانتصار الوحيدة في اليوم والمتمثلة بالمرور من ذلك الثقب..
هادي ممكن اول تدوينه نقراها كاملة ليك
Keep doin this 👏🏻
تدوينة ماتعة وتمس جراحنا التي تنتظر ان تندمل…