كأحد صور الخذلان التي نجت من التشخيص هو الشعور بالملل من العالم ..
الآن كلمة الملل بالتأكيد لا تستعدي الشعوربالخذلان ..
لكن إن اعطينا التعريف الآتي للسعادة بعض الآذان فلربما استطعنا أن نمرر فكرة الرابط العجيب المزعم ربطه:
“..السعادة مجموعة من الأحاسيس الركيزة فيها هي النقيض للإحباط والعبث والسأم والضجر”
فا يمكننا أن ننطلق من أن الخذلان والملل يجلسان على نفس الأريكة
الملل يطلق أحيانا على وقت انتظارك لحدوث شيء تحبه تعرف أنه سيحدث.
ملل الخذلان الذي أتحدث عنه لابد أنك توقعته ..هو ملل أن لا شيء تنتظره ..لا شيء آتي ..
بل لا شيء تشعر أنه يجب عليه أن يأتي ..حيث أن العالم ليس لديه شيء ليقدمه لك..بل ليس لديه حتى ما يجعلك تنتظر -ولو وهما – حدوثه.
لقد خذلك عالمك..لدرجة أنه لم يترك لك حتى الملل الوسطي الجميل.
أنت حقا سلبت حق الشعور المستحق بالخذلان..
أنت الآن تستجمع توهانك لتعرف ماذا يجب عليك أن تشعر إزاء العالم ..ولهذا تتمنى تشبيها يقرب لك الأمر بحيث تغوص في المثل ويجعل المثل لخذلانك معنى..تبدر أمرك بهذا:
ماذا عن تشبيه خذلان العالم لك بالسجن..
ما شعورك تجاه من سجنك ثم شاهدك تجرب كل الطرق للخروج من السجن حتى يئست منها جميعا…ثم سمعك وأنت تحكي عن توجهك لجعل حياة سجنك على الأقل ممتعة أو أقل شعورا بالهدر ..وأنت مع كل نهاية أسبوع تفكر ..أن هذا الشخص لديه الكثير ليقدمه ليجعل الأمر أسهل لكنه و بتكرار يجعل احتمال سوء الفهم معدوما جعلك تؤمن أنه فقط لا يريد ..
أريد أن أذكرك بأحد الحفر التي يسقط فيها الجميع ..أنت في مرحلة ما سابقة لإدراكك لسوء العالم ..تم غرس فكرة أن العالم يدين لك بشئ ما…
المشكلة أن شعورك هذا خافت خجول لا تستطيع التأكد من أحقيته في الوجود لكنه نابع من عدة أمور لربما أكثرها سذاجة أنت شاهدت كثيرا من الناس صُنعت لهم السعادة لهذا بنيت نظريتك أنه يستطيع ويفعل ذلك مع الآخرين ..لكنه بدون تفسير خذلك.
ماذا الآن عن شخص أعطاك أملا -بغض النظر عن الظروف وقتها- بشكل غير ملزم طبعا…
جعلت تأمل و تؤمن باستحقاقك و بأنك تستطيع أن تطالب وتعلن ملكيتك ..وتذهب بعيدا فا تتخيل خططك معه..و تتخيل -وأنت تبتسم لجمال الصورة- ما ستختصه به ..
بل تخلق شخصية لنفسك مختلفة عنك من أجل تخيل نفسك معه
لأنك في العادة شخص ملول من الناس كارهه لإعطاءهم أنفسهم الحق فيك بدون عقد منك.. وتتمنى دائما لو يطلبون الإذن قبل أي شيء…بل تريد من الآخرين أن يطلبوا الإذن قبل طلب الإذن..
ولأنك قررت أنك في مواقفك المتخيلة معه ستعطيه الحق فيك وستفعل كل ذلك بسعادة بل ستكون أحد أسباب سعادتك لحظة اكتشافه أنه يمتلكك..وأنه يستطيع كل شيء…وستجعله يجربك ويتحقق منك ..يا الله ..لكن ذلك لا يحدث..لأنه لم يرد..ولأننا نحن نعلم كم هذه العملية-عملية خلق التخيلات- محرقة و مجهدة ..فلن ننتظر أن يكون شعورك بالخذلان مستحقا…لن نسلبك هذا على الأقل.
و الخذلان ليس عضبا لأنه لم يعدك بشيء…بل هو بطريقة سحرية جعلك تبادر لذلك…أنت الآن تظن أنه أوحى إليك في غفلة من وعيك أوحى إليك أنك لكي تظفر به عليك أن تفعل ذلك..أن تغامر ..أن تخوض قفزة الإيمان في المجهول..
لهذا أنت عالق بين برميل الخذلان الذي أسقطت فيه رأسا.. وبين عدم استحقاقك للشعور بالغضب ..لأن تعلم أنت قفزت في البرميل بنفسك..لأنك كنت تظن أنه سيحب ذلك.. لأنك شاهدت في فيلم ما أن الحركات المجنونة تنجح … لكن يا إلهي ..هو لم يكن ينظر أصلا
وهذه صورة أخرى من الخذلان الخفي..أن تخذل بتواطئ من رغباتك .. وعندما تستعرض الأحداث أملا في إنزال حكم النذالة والخسة والخداع على الآخر ..عندما تستعرض ما حدث تجد أن الفاعل في كل الاحدث أنت…
ببساطة لأن كل شيء حدث في مخيلتك.