محاولة توجيه ..
هذا النص ربما هو نتاج محاكاة لأوضاع الآخرين، ليس بالضرورة أنا
……………………………………………………………………………….
واقع تحت تأثير الوسط ..ربما هذا بسبب طبيعته الميالة للتماهي مع المحيط، بالأحرى الخوف من “أن أبدو مختلفا”..
التوجس من ” أن أبدو” أصلا..
الرغبة في الانسحاق شكليا في الوسط ..انعدام الهوية الظاهرية بشكل مطلق.
المحاولة قدر المستطاع أن لا نقع تحت طائلة المسائلة، تجنب الإجابة قدر الإمكان حتى لا تضطر لتبرير النفس..
لأن لا إجابة صادر عن مببرات راسخة.
تكره التبرير..حتى لا تكذب…لأنك تجيد الكذب .
لأن التبرير دون الاضطرار للنفاق يعني قول الحقيقة وأنت تعرف كم يمكن للحقيقة أن تكون قبيحة…
أو أسوء، قول الحقيقة قد يذهب بك لأماكن خالية داخلك.
الخوف من أبدو سخيفا أمام نفسي، وذلك يحدث عنما نقدم المبررات الجاهزة التي تضمن لك هزات الرؤوس …الخوف منها لأنها هراء ..لأن النفاق مؤلم.
الخوف من اكتشاف أنك منافق
الخوف من فقدان ما تبقى من قيم داخلك.
الخوف من أن تفقد ما لم يكن موجودا .
أنت تأمل أن القيم موجودة وكفى وستظهر عندما يتطلب الأمر…
لكن المحك هو اختبارها… وأول هذا الاختبار هو التحقق من وجودها أصلاً.
ولا تستطيع أن تصرف فكرة أن سماع وتخيل كل تلك القيم طوال حياتك ..هو ما يجعلك تعتقد أنك تمتلكها.
مثل مبتدئ تسقط في فخ الخلط بين “ما تتمنى أن تكون وبين ما أنت عليه حقا”
أنت تقيم نفسك “بما لم ترتكب ”
مسجون داخل عجزك، كيف يحق لك التفاخر بفضيلة العاجزين.
العجز
ربما هو
كمية الرغبة المهدورة
أن تكون رغبتك بشيء هي أكثر بشعرة من قدرتك على تحصيله.
كأن يكون مفتاح الزنزانة معلق على ارتفاع هو أعلى بظفر من أعلى نفطة استطعت أن تفقز إليها..مهما حاولت من حيل أو طرق أنت فقط تسقط وأنت ترى المفتاح يتحرك من ريح يدك.
المدمر أن الرغبة لا تقبل التصريف …غير قابلة أبدا لإعادة الاستخدام في تحقيق أمر غير الذي وجدت لأجله ..أنها مخلصة بجنون لهدفها..إنها هي هدفها.
أنها فقط تغلي داخلك.
تمحو كل رغبة أخرى..
أن لا تريد أن ترغب..يعني أنك عاجز أيضا
وتجد أنك تعيش لأن ذلك ممكن.
كالماشية في أرذل عمرها تسقط أسنانها، تفقد القدرة تريد أن تفقد “الحاجة للأكل” لكنها لا تملك أن تفقد الرغبة …تموت جوعا.
لا تملك أن تهزم
شخص منكسر العزيمة لكن بروح لا تكف عن الرغبة..لأنها بكل حمق تطالب بحق تظن أنه مكفول لكل من كان إنسانا…ولا تفهم لم هذا غباء..ولا تكف عن طرح السؤال الغبي بكل وقاحة..” لم؟؟”
……..
الرغبة في أن تكون صالحا تساعد الآخرين…أنقى رغبة في داخلة…رغبة أنت غير مطالب بتبرير وجودها…لإنها كأول ضحكة لطفلك…هي يجب أن توجد.
تلك الرغبة التي حملها كل العظماء والشهداء.
لكن مجددا أنت سخي في الرغبة…
لا شيء يشتغل..كل المسارات مغلقة وكل الأصوات تثقلك بأن ” غر صلح روحك قبل..انجو بنفسك” وتلك الأصوات محصنة بواقع غير قابل للجدال..
وأنت كسول تفرح بأول عذر مقبول لتركك كل شيئ والعودة لمنزلك تلعن المجتمع والناس.
لكن هذا لا يكفي لكي تستسلم روحك ..كيف ستعيش دون أن تشمئز من جلدك إن أنت استسلمت بهذه السهولة
ستقول لأفعل ما استطيع ….وإلا أليس الشهداء أناس لم يكملوا مهمتهم؟!
لكننا معلقون بسلاسل للإنجازات..عقولنا تعمل عن طريق تقييم أنفسنا وأعمالنا….وما النتيجة.
وسريعا أو لاحقا سترفع رأسك لتعرف أين وصلت في رحلتك…وما ستراه لا علاقة له بهدفك، غالبا مكان سخيف…ستجد نفسك عالق في زحمة طريق جانبي بعد ما حاولت الهروب من زحمة السريع.
تشعر بالغضب من كل ما ومن حولك…وتلتقط نفسك تستغل فزع مرأة أو عجوز وعدم فهمه لربكة المشهد من حوله ..لأخذ مكانه كما يفعل أي رجل حاذق.
وترى في وجوه الناس ليس التوحش ..ولكن الفزع والهلع…الكل يقاتل من أجل نفسه أو من أجل أطفاله..وأحدهم قد سرق قوتهم .
قطيع الجواميس الذي لا يدري آخره أنه يدفع أوله للوقوع في الهاوية …
ويفزعك الشعور بالازدراء تجاههم ..وأنك لست بتلك الرحمة والتفهم لضحايا ضغط الواقع عليهم..رغم أنك تعلم أنهم كالماء في الوعاء..رغم أنك تعلم أنهم جيدون فقط بقدر ما يسمح لهم الوضع به…رغم أنك تعلم أنهم ضحايا ..ويروعك أنك ربما مثلهم عندما ينهار النظام ستأكلون بعضكم البعض.
وتشعر بالغربة عن نفسك ..والفزع من أنك تتحول لشخص يدوس الآخرين لينجو..
أنت مسلوب الإرادة كمن وجد نفسه في زحمة الحجيج على جسر ما ..ومع اختناقك تتحول صرخاتك التي كانت تدعوا للهدوء إلى صرخات غريزة البقاء..ولاتجد نفسك إلا وأنت تكسر ضلوع شيخ ما …وتدوس رقبة امرأة ما…و عقلك يحاول أن يجد المببرات حتى لا يجن …
أنت أصغر من أن تكون حالة خاصة مميزة…نكرة ..أنت أداة الجموع لسحق الجموع..
أنت شعرة سوداء في ثور أسود..
أنت قد تم عضك وتشاهد نفسك تتحول ..
أنت عاجز أن لا تتحول لزمبي آخر…والأمر يتم بآلية خطوط الإنتاج.
ولا تستطيع أن تقاوم فكرة أن القادم أسوء..
ربما أنت قد غادرت ذروة رقيك الروحي.. أعلى نقطة ممكن أن تصل إليها منذ زمن ..وأنت الآن تسقط
ربما أنت في منحنى من التاريخ حيث الحق ينهزم ..ويتوارى ..وهو زمن الخسة والظلم
ربما أنت تعاصر ما عاصره ذلك الذي كان يقاتل ضد الفئة الباغية ..ورفع رأسه صبيحة صفين ..ليجد سبعين ألف رجل قد سفكت دمائهم…واجتاحته قطع الليل المظلم…روح نقية قد تم إتلافها للأبد..والقادم أسوء، لن ينتصر الحق والفئة الباغية سيؤول لها الأمر.
ربما أنت مواطن من هيروشيما في السادس من أغسطس 1945 مرت الطائرة للتو من فوقه وقد ألقت حملها…لا شيء يمكنه فعله…لا يهم كم أنت ذكي أو نشيط أو فالح وحذق كذلك لا المكانة الاجتماعية أو العلمية ستجعل من النهاية مختلفة.
أنت قد خسرت وانتهى الأمر.
……………..
تعجز أن لا ترغب أن تحقق وصية طاغور:
إنهم يصرخون ويتصارعون
ويشكون ويقنطون
ومعاركهم لا تعرف النهاية
فلتكن حياتك بينهم
يا بني
مثل لهيب النور
صافية وقّادة
تذهلهم بسحرها
إنهم قساة
في حسدهم وأطماعهم
وكلماتهم مثل السكاكين الخفية
ظامئة إلى الدم
فاذهب إليهم وأقم بينهم يا بني
بين قلوبيهم العابسة
وضع نظَراتك اللطيفة فوقهم
مثل أمن سماء الرحيم
يخيم على صراع النهار
دعهم يتاملون وجهك
يا بني ويحدقون إليه
وليتعرفوا على معنى كل الأشياء
واعمل على أن يحبوك ويتاحبوا
تعال بعد ذلك كله وخذ مكانك
في قلب اللاّنهائي يا بني
وافتح قلبك عند الصباح مثل الزهرة
التي تنوّر
وعند الغروب
اخشع في صمت
وتمّم عبادة النهار
………
عجز التمسك بالناس الذين تهتم لشأنهم …
كأنهم خيوط صيد يستمرون في الانزلاق…أنت لا تتمسك بالقوة الكافية…لا تتمسك بالطريقة المناسبة….أو ربما لا تفهم لم علينا أن نتمسك أصلا
لم البيئة طاردة..لم لا يبقى كل شيئ في مكانه.
أنت تتمنى أن تكون هناك لأجلهم..أن تعطيهم دائما الدعم والتطمينات المعنوية والمادية، أن تهتم بكل تلك التفاصيل التي يستحقونها ..
لكنك لا تجد الطاقة لذلك….الحياة في الخارج تمتصك…مجرد الخروج من البيت والتعامل مع الناس لساعات يقتات عليك.
البعض منهم يتفهم لا يطالبك بشيء..يقدم لك الصداقة غير المشروطة وبعدها سبعة أبحر…تعال متى شئت ستجدني دائما مستعد لسماعك ومساعدتك..
لكن هذا سخيف الأصدقاء والعائلة وجودو لنعيش الحياة معا..لنمر معا عبر كل ما يحدث…لنصنع الذكريات السخيفة المضحكة..
………….
تعجز عن التخلص من الشعورالدائم بأنك مؤقت…كأنك مسافر تنتظر في الصالة الانتظار..
هناك حيث تشعر باللا انتماء تجاه كل شيء…
حيث كل العلاقات مؤقته …حيث لا تبخل لا بي ابتسامة أو محادثة ..أو افساح طريق.
لأنك تشعر بأن كل هذا بلا قيمة …بالأخرى أنت لا تخسر شيء…لا شيء على المحك.
ستجد نفسك تشتري سندوتش بخمسة أضعاف سعره العادي …بكل أريحية وربما بسعادة.
تسمح لهم بأن يخدعوك ..فاليفعلوا …هذا شيء مؤقت.
وكذلك أنت دائم التوتر ..قليل الثقة في نفسك ..مستعد لأن تؤمر فتطيع ..وتمضي في الخطوط المخصصة لك..وتمر عبر البوابات التي تناديك.
……………………….
تعجز على أن تفهم ماذا بحق الله يحدث..وبالتالي تعجز على أن يكون لك حكم على ما يجري حولك.
أن تعيش في فوضى من الإشاعات ..والشهادات المختلطة بالآراء الشخصية….أنت مأخوذ بالوسط حولك لا تستطيع أن تقاومه…أن لا تشعر بتأثيره..وأحينا كثيرة أن تخجل من مخالفته.
أنت عبد انحيازك المسبق للحكم الذي تتمنى أن يكون هو الصحيح ..
أنت لا تريد أن تعرف الحقيقة بقدر ما تريد أن تعرف أنك على حق الآن.
بل إنك محكوم بمزاجك ..مدى راحتك في نومك البارحة ..طعم قهوة صباحك…تسريحة شعرك التي لا تتروض…موبايلك الذي نسيت شحنه…كلها تلعب دورا محوريا في أحكامك بقية النهار ..
تعجز أن تكون حكمًا مبنيًا على معطيات وتصور صحيح ومنهج صارم علمي..
المصادر لا تسمح ..وربما عقلك غير مؤهل ..
أنت نتاج مجتمع ذو بيئة غرائزية يتبع الأغلبية …حذر وغبي في نفس الوقت..ليس أكثر ذكاء من فأر يقترب بحذر من قطعة جبن مسمومة على طبق ذهبي.
أنت نتاج تعليم مزري ….تفوقك فيه يطرح تساؤلا عن مدى وعيك أصلا…تفوق يعميك عن جهلك بـ 99.99% من تخصصك.
أنت نتاج مجتمع يحجزك في طور المراهقة حتى تنجب.
وها أنت ذا ..عالق بدون معلومات..وإن وجدت أغلبها كاذبة أو نتاج حكم شخص ليس أحسن منك حالا..
وحتى تملئ الفراغات أنت تلجئ لعقلك المصاب بتأخر وقصور ..
عقلك مصاب بضمور ..غير قادر على التفكير بأفكار مركبة ..أو أحكام قائمة على أكثر من مؤثر واحد..
فأنت لا تستطيع حتى أن تفهم أن كون شيء ما ممكن منطقيا.. لا يعني أبدا أنه ما حدث فعلا..
لا تستطيع أن تستوعب أن مقابل الأسود ليس الأبيض ..بل أكثر من عشرة ملايين تدرج للألوان تستطيع عينك تمييزها..
فما بالك بأفكار أعقد.
أي فكرة تخطر ببالك تجري بها…مثل عيل أمسك سحلية ولا يطيق حتى يريها لأصدقاءه.
دون أن يخطر ببالك أنك تحمل مخلفات فكرية مشوهة…لا تساهم إلا في زيادة المشهد مرضا
قرأت مجموعة كتب وروايات جعلت تظن أن قادر على الحكم أحداث ووقائع تقع الآن.
أنت لست إلا غرازئي آخر ..تجذبك ملذتك ..وتفر من خوفك…
الخطر الذي يهددك أنت ..هو الخطر الأعظم على الناس والبلد والعالمين.
في نهاية اليوم الكل يصاب بالذعر من الجريمة التي يشعر أنه ضحية محتملة -ولو افتراضيا- لها.
…………………………………
كذلك تعجز عن الإنعزال عن كل هذا ..
تقول ليذهبوا للجحيم …سأعيش لنفسي والخ
حسنا..
أنت مواطن في تشرنوبل ..قرر أن الانفجار الذي سمعه منذ قليل لا يعنيه..وأن لا شيئ يستحق أن يلقي الجريدة ويقوم من الكرسي الهزاز.
أنت تعمل في برج التجارة العالمي …والهزة التي حدثت هي خطأ بعض المخابيل..وأنا لدي عمل لأنجزه.
لا يمكنك أن تنعزل لأنك لا تستطيع أن تتجاهل الحريق في بيتك..
لأنك على الأقل تريد أن تفهم لم كل شيء مؤلم هكذا…
لم الأمر وكأننا نعيش في “طابية هندي” دغل من التين الشوكي..
كل حركة مؤلمة..
ومع طلب الفهم لابد أن تسأل وتتابع وتشاهد ..وتصاب بالعجز.
…………………….
تعجز ألا أن تشعر بالعار..
عار الهزيمة كل ليلة..
عار النسيان كل صباح..
عار الاهتمامات التافهة.
عار الغرق في الالتهاء والانجازات الشخصية
تشعر بنفسك صغيرا أمام من اختلطت فيه الطيبة والعزيمة ..
البراغي الصغيرة التي تجعل هذه الآلة المتهالكة تستمر في العمل ..
لا تستطيع حتى أن تقف لجوار أحدهم..
لا تحتمل اختلاف المعايير
هو يرى أن ما يبقى هو ما يذهب ..وأنت مسعور لكل ما تستطيع الحصول عليه
هو يرى أن ما ضاع من الشاة هو ما أكله منها وما بقي من الشاة هو ما أعطاه للفقير ….وأنت تأكل وعينك على حصة أخيك
يعتريك العجز أمامه…تتمنى بكل رغبة أن تكون مثله..
لكن هذا أقصى ما تستطيع أن تصل إليه ..قبل أن يبتلعك جوعك و يسطوا بك هوسك .
…………………………………………
وأيضا تعجز أن تميت الحلم في قلبك..
تحلم بـ:
“أن أكون قادرا على إدراك واستعاب أي شخص أوجماعة من الناس أو فكرة أو نظرية أو علم ..وتحليله ..وتقييمه بشكل صحيح ..واختيار القرار الصحيح..حتى لو كان مؤلما أو صعبا ..والشجاعة للانحياز للحق دائما مع عدم خسران الناس بسبب ذلك ..وإنما جذبهم إليه معي”
تحلم..
أنك ستخرج من بيتك ولن تعود لتحارب الفساد والظلم والفقر..
وستكون في تلك المعركة الفاصلة ..التي لن يهمك كم فرص فوزك فيها ضئيلة ..
لكنك ثابت كأحد قوانين الفيزياء التي لا تتخلف..
لأنك وجدت معركتك..التي قمة المجد أن تكون بها ..
ذلك الحلم الخجول الذي لا يكف أن يظهر مع لحن أو قصيدة أو فيديو لطفل سوري خنق الماء اسم أمه في حلقه وهو يغرق.
أو رفيق روح ..تشاركك عجزك.
قام بإعادة تدوين هذه على Nomadique.
[…] الخزي الناشيئ عن الشعور بالسخف..أو الناتج عن الشعور بالعجز ..لربما أنا أعني الخزي الناتج عن التدرج عبرهما ..بأن […]