يوم مع جاد

هذه مجرد تدوينة بسيطة عن ذكريات يوم عادي  قضيناه مع البطل عبد الرزاق الصاري, أو جاد الصاري كما نعرفه,

يوم ضربنا فيه الكساد , والشعور بقلة الحيلة ,فانطلقنا ندوروا مع من نكسدوا.

…..

ذلك اليوم كان بين تاريخ 5-مارس و8 -مارس 2011 , لإن وقتها كنا لازلنا ننتظر قرار مجلس الأمن.

في صباح ذلك اتصل بي صديقي أحمد البخاري وسألني : ما رأيك أن نذهب لزيارة جاد ,,أجبت يا سلام يا ريت .

كانت معرفتي بجاد هي معرفة لقاءات همزة الوصل فيها أحمد البخاري الذي كانت تجمعه مع جاد العديد من المشاريع , وكانت أيضا معرفة تويتر متبادلة .

وجائني أحمد ومعه جاد ,  تعرفون سلام جاد الحار المعتاد.

وانطلقنا ندهوروا في شوارع طرابلس , طبعا تشاركنا المرارة والسباب كلما مررنا ببوابة حرس شعبي .
 رحنا نحكي لبعضنا ذكرياتنا خلال الأيام السابقة وتحليلاتنا للوضع وأملنا في انتصار الثورة و “هل الحصلة اللي مكرش”

حكى لنا جاد عن مداخلاته الهاتفية عبر الفرانس 24 وغيرها من المحطات , لمناه أنه كان يتصل من الهاتف الريفي من مكان إقامته, كان لدنا ذلك الهاجس الاسطوري أن كل الخطوط مراقبة ويجيبوك وين ما أنت.

ترجلنا عبر شارع المقريف وأذكر أن جاد عثر على ظرف قلة مسدس فارغ فاحتفظ به , وقال ربما يعود لطلقة أطلقت على المتظاهرين يوم عشرين فبراير.

بعد هذا كان الجوع واخد فينا طريق , قررنا البحث عن مطعم للغداء , الصراحة أن رحلة البحث كانت على شاكلة ” وين ودنك يا جحي ” لا أذكر كم مطعم وجدناه مغلق , لكننا ضمن رحلة البحث هذه ذهبنا لبن عاشور والنوفليين وراس حسن ثم الفرناج وتشجعنا ومشينا للسبعة , ثم اقترحنا البادية في الهضبة نفس النتيجة, ولا أدري كيف استقر بنا الحال أخيرا في مطعم النورس في السياحية .

احتد النقاش حول نقطة ما مدى التدخل الدولي الذي نريده , هل مجرد حضر طياران , وحضر الطيران هذا يحتاج لضربات استباقية للدفاعات الجوية , وهل هو كافي , ماذا عن الناس التي ستموت جراء هذا القصف , تعرفون نقاشات تلك الفترة .

أذكر أيضا أن جاد كان غاضبا من بعض أصدقاءه ومعارفه في النت الذين خدلوا الثورة واستولى عليهم جبنهم وخيبة الأمل التي تلقاها منهم .

بعد هذا دعانا جاد لسكنه في الفرناج , شقة شباب بكل ما تحمله الكلمة من معنى . غرفة جاد كما لكم أن تتخيلوا فيها كل شيء ,أجهزة كمبيور مرمية هنا وهناك , هاتف ريفي مرمي على الأرض , تتعثر في حنجر نص متر للحماية الشخصية , كمية لا يمكن عدها من السيدهات والدسكات , أفلام وبرامج .وهناك على الارض شاشة 42 بوصة حيث جلسنا وشاهدنا فيلم  the town كان من ترشيخ جاد , استمتعنا بالفلم كثيرا .

ودعنا جاد وتمنينا  السلامة والالتقاء في أقرب فرصها.

كانت تلك آخر مرة أرى فيها جاد,

وعندما سألت عليه البخاري بعد التحرير وبعد خروجي من السجن كان الخبر المفجع , جاد مخطوف من قبل الكتائب والاعتقاد  السائد أنه استشهد.

لست بأفضل من يحكي عن جاد وشخصيته المتحمسة دائما المليئة بالأفكار والمشاريع الهادفة للارتقاء بمستقبل ليبيا حتى عندما كانت أوحال القذافي تخنق الجميع , ولست بأفضل من يروي بطولات جاد في هذه الثورة التي سعى فيها منذ أول يوم , فهناك أصدقاء عمر لجاد يعرفونه قبلي وأفضل مني ومشاعرهم التي تخرج كلمات مستعرة تشي بحجم الفقد والمصاب كلما تحدثوا عنه .

لكني أقول أن جاد يمثل فعلا الثائر الذي قدم كل ما يستطيع للثورة, انفض من أول يوم وساهم بكل ما يستطيع فاتصل بالقنوات الفضائية لكشف جرائم القذافي في طرابلس وقبلها نشر ما يكان يصله من حقيقة ما كان يجري في مدينة بنغازي عبر تويتر , وعند لحظة المواجهة والقتال على الأرض ذهب لمدينة زليطن حيث جرح هناك من قبل كتائب القذافي.

هذه تدوينة للصديق أحمد وفاء يحكي فيها أكثر عن جاد :كتائب القذافي تختطف المدون الليبي جاد الصاري!

وهذه تجمع لأحباء وأصدقاء جاد في فيس بوك Jad assary

هذه كانت ذكرى بسيطة مع هذا البطل الذي لم يخسره أصدقاءه كإنسان فقط وإنما خسرناه جميعا كشاب ليبي تحتاجه ليبيا .
رحمك الله يا جاد.

8 مارس، 2012

التعليقات

    كنت على وشك بالفعل أن أحثك على تكملة تدوينات الثورة .. لنسرد ما حصل معنا في بداياتها .. وها أنت قد فعلت .. تدوينة جميلة ومؤثرة جداً يا محمد .. أبكيتني ..

    هل تعرف.. أريد أن أكون مثل جاد .. أريد أن أترك أثر رائعاً كما ترك .. والأهم من ذلك .. أريد أن أكون مثله ملهماً لمئات الشباب لكي يعطوا أفضل لحياتهم وبلدانهم والإنسانية جمعاء .. أريد أن أحب العطاء مثله .. وأحبب الناس في العطاء كما يفعل ..

    جاد .. حتماً سنلتقي في مكان أجمل .. وسأحتضنك عندها بشدة ^^

    رحمك الله يا خال … اذكر هذه الصورة فقد كانت في بداية الثورة عندما التقيته في فندق ماريوت طرابلس لنتحدث قليلا عن الثورة حينها كنت مطلوب لدي كتائب القذافي واعطيته صورة جواز سفري وقلت له : هذه الصورة نفسها اللي عند منظمة حقوق الانسان . وفعلا : مجرد ان قبضوا علي لم يبخل وقام بالمستحيل حتى اوصل صوته الي كل العالم . رحمك الله يا خال فقد افتقدتك كثير.
    وأعذرني لاني خذلتك وتأخرت عليك ساعات …. لاجدك انت وتوفيق ومحمد ومحمود وامحمد ووووو شهدااااء بإذن الله .
    يومها عرفت ان السلاح الذي معي والرشاشات لن تجدى شيئا مع القضاء والقدر . اعرف انها ساعات واعرف ايضا انها حاسمه ولكن اعذرني هكذا كان القدر.

اترك رداً على eftimamehmida إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *