إنهم يفرون بفعلتهم ..إنهم يفخرون بفعلتهم !!

” دعنا نقضي وقتا ممتعا يا عبدو”

منذ شهور تم إغلاق جزيرة الطريق السريع في طرابلس في منطقة غوط الشعال من قبل بعض الشباب الغاضبين المتحمسين , مما سبب زحمة أسطورية  في طرابلس ..شلل فعلي .
أحد المشاركين في هذا الفعل العفوي كان شاب خريج من نفس كليتي مواليد “94”.. خوناحكى لي أنه ببساطة فعل هذا لأن  ولاد  الشراع اقفلوا الطريق وبدى له هذا الفعل ” جوي مليح” وحاجة مرحة…فانطلق يشاركهم الجو الجميل.

صحيح أن سبب الإقفال الرئيسي كان بسبب اعتقال شخص من تلك المنطقة كان يدير كشك سجائر محترم…لكن صاحبنا لم يكن يعرفه ..فقط كان يمرح …
كومون يا برو لا يمكنك أن تنكر أن هذا جو مليح…إقفال أهم طريق في طرابلس ..وتكون مسؤول تمرر من تحب , وتقفل الطريق في وجهة من لا يعجبك شكله.

أصلا لطالما اقتنص الليبي مثل هذه الفرص …في كل عرس تجد تلك المجموعة من الشباب الذين يتنافسون في من ” يدير العار ” أكثر …وأوضح الصور تكون عند التنقل بالعريس ” الزفة” بالسيارات…يوقف أحدهم الشارع الرئيسي بسيارته وينزل الشباب يرقص في تجرد تام عن أي شعور بالندم …بل بسعادة غامرة غريبة تحسده عليها…السبب المعلن هو الفرح بالعريس.
لكنك تعرف أن هذا غير صحيح…إنه المرح , إشباع لغريزة ما…وهذه الغريزة تشبع أكثر ما تشبع عند “ديران العار”..

في ذكرى 17 فبراير الماضية صادفت زميل في سجن بوسليم ….كان هو من يوقف السيارات في البوابة …أنه سراج…نعم يا سادة…سراج هذا نجم من نجوم ” ديران العار”…قبل الثورة وباعترافاته في أوقات السمر في الشيلة ..تاجر بوخا وحبوب وحشيش يزاول عمله بإتقان , وفوق هذا هو شخص جريء وذكي ومبادر…وسباق للتصعيد..حتى في السجن -رغم ضيق المساحة المتاحة للعار- كان يسارع لنزع ملابسه الفوقية ليبقى في البنطلون فقط عند بوادر أي شجار …وهو يطعم هذا “بسب الجلالة” والسبب معروف …بث الوجل في قلوب الخصوم ..لأن من فوائد ديران العار هو الانتصارات النفسية.
زميل آخر عندما سألته عن سبب أثر كل تلك الغرز على محيط رقبته …أجاب أنها 24 غرزة …وهي ناتجة عن طقس غريب يقوم بيه بعض الشجعان من السجناء الجنائيين سابقا.
كالآتي : عندما يجد السجين نفسه في موقف ضعيف ومعرض فيه للخطر في السجن كان بعض المجانين منهم يخرج شفرة حلاقة -دائما هناك شفرة حلاقة مخبأة عند المساجين- يخرجها ويجرح بها يديه ..فيخاف من أمامه سواء من السجناء أو الحراس ..وينقلب المشهد للهستيريا …نوع متقدم من “ديران العار كما ترون”
إلا أن صديقي كان مبدعا ومستعد لرفع الأمر لمستوى متقدم ..فأثناء التحقيق معه ومحاولة المحقق تلبيس تهمة خطيرة له على حسب تعبيره …قام بالأمر …والمحقق ينظر ..أخرج شفرة الحلاقة وذبح نفسه …وبمعجزة ما نجى صديقي مع ذكرى طيبة ..وسمعه جعلت كل المحققين يخافون منه.

لهذا عندما أقول لك أن غريزة ” ديران العار ” في الليبيين شيء أصيل ..اعلم أني اتحدث بصدق.

هذا ما كان الليبييون يفعلونه زمان مع ما توفر عندهم من معدات بسيطة من شفرات حلاقة وفانيلات سهلة القلع وفيزقات ” بندقية الصيد البحرية”

وأما الآن فهو العصر الذهبي للعار …
عند حدوث أي إشكال بسيط يمكن حله بابتسامة ….تخرج الآر بي جي يات من صناديق السيارات ….سباق في من يبدو أكثر جنونا.
ولا تسأل يا وقح عن التفكير في العواقب حتى لا ” ندير العار ” اني عليك.

” صناعة الذكريات الجميلة “

لكن دعني أحدثك بمتعة تفوق ديران العار …أنها “الحديث عن ديران العار.”
جلسات السمر في المناسبات والزرادي ..حول نار الشاهي .. واستحضار تلك الحوادث الجميلة والذكريات

فمثلا يقول أحدهم مخاطبا صديقه ” كيف درت يا “شامخ”يوم مشكلة التيوتا الكبش…درت العار..تعرف أما أنت حمار ودماغك ميت فيه كلب بحر, هاهههه“..

طبعا يضحك  الشامخ حسن بشوية حشم ويرد معتذرا “ باهي شن بدير هي..أني ما نتفاهمش ..وما نعرف حد.. وهما كنطوني” طبعا ثمن أنه تم إغضابه أن سيارات احترقت وموت وخراب بيوت.
وهو يحكي الحكاية ..وقتها حرفيا هو منتشي كأنه تنشق شكارة اسمنت من الهروين..
……….

الشيء اللي مفشلني ويجعلني نشعر أن في دمي سم أفعى مجلجلة….أن آلامنا هي ذكريات جميلة للبعض ..
وأنهم فعلا يفلتون بفعلتهم …دائما.
كل تلك السرقات …
كل تلك التفجيرات…
كل تلك الرقب التي طاحت …الناس التي عذبت…الجثث التي على الطريق يضرب فيها الريح.
أنها ذكريات سعيدة ومرحة لهم يحملونها معهم …وييتفاخرون بها مثل نياشين الحروب حول المدفئة.
هذا على صعيد المجرمين الصغار ..

أما على صعيد الفطاحلة ذوي ربطات العنق والجرود فهي إنجازات… فعند مستوى معين من العار المبهر..يأهلك لأن تصبح جزء من المشهد السياسي الليبي المعتبر
رصيدهم السياسي هو معدل العار اللي داروه….
العار والعهر الإعلامي هو منتوج حر يجب أن تعترف به كجزء من المشهد المتجانس وتحترمه.
والأكثر جمالا أنك الآن أنت مدعوا ومجبر للجلوس والحوار مع كل أباطرة العار للخروج بتوافق وطني يحتوي الجميع..لأننا جميعا شركاء في الوطن.

“2014/02/18”

18 فبراير، 2014

التعليقات

    رائع، بالرغم من إنزعاجي اابسيط بسبب بعض المصطلحات لكنك أجدت في صياغة المشكله برُمتها..أرجو أن تتقبل تعليقي البسيط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *